موقع الدكتور عمر الطالب

رسالة لروح عمر الطالب

بقلم سامر الياس سعيد

shmoail_sh@yahoo.com

 

بينما تمضي عاما آخر على رقدتك الأخيرة تمضي مدينتك عاما جديدا في عالم الغيبوبة الذي لم تستفق منه رغم كل الأصوات التي طالبت وتطالب بان تصحو الموصل مجددا لتطلق إشعاعاتها مجددا وترفد الحواضر العلمية بالنخب والكفاءات كما أنجبتك المدينة في زمن زاه فانطلقت والموصل بين ثنايا أعماقك لتنشر إبداعاتك في أقاصي الوطن العربي..
عام جديد والنسيان نعمة ينعم ويرفل بها كل معاصريك ومجايليك وهم لا يوقدون جمرات الذاكرة لتحتفي بك المنابر والقاعات بل على العكس تهيل على ترابك ترابا أخر لتمحو إبداعاتك وتنحو نحو اغفال ما قدمته أناملك وجاد به مدادك لتؤشر وتطلق آرائك وتنقد وتهمش على ما يعتري واقعنا الأدبي والثقافي..

فإذا كانت هوامشك المؤشرة على صفحات المجلات والكتب لم تجد نفعا حتى انعكست لتهمش قامة ثقافية كقامتك الباسقة فرحلت لتذوي نخلة عراقية سامقة كانت قامتها تعلو كلما توغلت في أعماق الأدب والثقافة لترسم للقصة والراوية والفن السينمائي محطات هي كل اهتماماتك التي عرف عنك متابعتها..
عام آخر يمضي ينحسر فيه الربيع مودعا فضاء المدينة ليخترق الأجواء قيض الصيف الذي بات خانقا خلال الأعوام الأخيرة تاركا لهيبه على أجساد المساكين كسوط يحرق ويجلد تلك الأجساد التي بدت كأشباح في مدينة لم تبرز خلال غيابك أي آثار غير حواجز كونكريتية بدت أطلالها اعلى من أسوار نينوى وحواضر المدينة الآشورية التي كانت مزدهرة عبر الأزمان لكنها اليوم كقطعة ثلج في صيف تذوب تدريجيا..
مازال اسمك مغيبا وأنت أصديت للأعلام وأعمدة المدينة وبقيت أسماء أخرى تحتل ركنا في شوارع جبتها لكي تتأمل في حبيبتك التي عشقتها لم تكن على مستوي ما حملته من علم وموسوعية كأنها أزمنة أخيرة لا تعترف بالجهد والمثابرة والعرق في سبيل المعرفة لكنها في المقابل تعترف بأناس تشظوا في أزمنة ضبابية فالقوا بضبابيتهم عليها ورحلوا لكن أسمائهم احتلت شوارعنا وزوايانا لتعرفنا بهم رغم ان ذاكرتنا لم تحسن التذكر في زمن غيابك الأبدي..
مقعدك في صالة المناقشات مازال يحن إليك وأنت تحتله لتكون محاورا راصدا لما تحمله رسائل الباحثين ولتطلق في وجوههم أضواء الاستمرار في مشوار الألف خطوة وأنت الذي ودعت طلبتك بكلمة (ربما) التي أطلقتها في زمن أعلى شان تلك المفردة التي تمسك بها أخوتك وأبنائك العراقيون لعل ربما تصلح أحوالهم وتمضي بهم من شاطىء تتصارع أمواجهه الى ساحل تستقر فيه الآمال وتختفي فيه الصراعات..
الدكتور عمر الطالب.. ما زالت النخب التي كتبت عنها في موسوعتك تشير اليك بالكثير من الوفاء فيما مازالت نخب أخري تحكي عنك في كواليس الظلام والكلام ما تعجز عن تسطره في صحف الحقيقة الساطعة فإلى روحك اردت إرسال هذه الرسالة مناشدا بان تنام مطمئنا فان الموصل حبيبتك تسعي لان تكون بهدوء روحك وهي تستقر استقرارها الأبدي

 

نقلا عن

جريدة (الزمان) الدولية - العدد 3608 - التاريخ 1/6/2010