موقع الدكتور عمر الطالب

 

المبدع الذي احتفى بالجميع دون ان يحتفوا به في غيابه

 

 

بقلم سامر الياس سعيد

shmoail_sh@yahoo.com

 

21 أيار 2008:المدينة كعادتها غائبة عن الوعي تعاني حظرا مزمنا للتجوال، و  ثمة قامة أدبية موصلية  تعاني في إحدى مستشفيات المدينة  وتلاحق أنفاسا دخلت دورتها الحياتية الأخيرة ..رسائل النقال تمد جسرا بين الأحبة "د.عمر الطالب في المستشفى "ولكن لامناص فالحظر يمد اذرعه الأخطبوطية ليشل الحركة وليميت مدينة كانت ولازالت نبضا للحياة  ولكنها مثل الطالب عانت من أللاستقرار فتشكلت روحيهما باقة من زهر البيبون الموصلي الخالص ، ففاضت الروح وبقيت الموصل تنتظر واقعا جديدا يخرجها من نفق الخيبة وغودو..

21 أيار 2009:عام مضى على الرحيل وبقي الجميع صامتا ..الغبار يملا المكان وينذر بغضب الله على المدينة التي نسيت فتاها المتميز الذي غادرها منذ عام  وغرقت بأزماتها التي لاتنتهي وتملكها وجع الغبار الذي ملا أرصفتها وتمرد على المطر الذي تأخر هطوله ليغسل شوارع مدينتي مما أصابها وليكحل عيون أبنائها بيوم مشرق ..هذا اليوم الذي يفصلنا عن يوم الرحيل بزمن قدره 365 يوما  لم نشهد خلالها استذكارا او محطة وفاء للطالب الذي بقي وفيا للموصل ولكنت المدينة بقيت صامتة إزاء الذكرى فلم تبادر أي جهة أدبية او أكاديمية لتعلن عن وقفة ولو متواضعة لاستذكار الذكرى السنوية الأولى  ولكن في المقابل نخبة من مثقفي المدينة اثروا ان لايدعوا المناسبة تمر إلا ويطوقوها بمداد فكرهم  وليعلنوا وقفة وفاء لرجل أوفى الكثير بحق مبدعي المدينة وكان أولهم الشاعر  الدكتور  بهنام عطا الله الذي قال :"تمر علينا هذه الأيام ذكرى رحيل الكاتب الكبير د. عمر الطالب وليس هناك بارقة وشاهد ذكرى لهذا الرجل الذي أعطى الكثير الكثير للثقافة والأدب الموصليين.."ويضيف عطا الله : " فلقد كان هذا الأديب الراحل علما شامخا بين علماء وأدباء ومثقفي الموصل و لايمكننا نحن الذين عاصرناه ان ننسى طلته البهية ومثابرته واهتماماته الأدبية والثقافية والنقدية" .. ويتابع الدكتور بهنام عن الراحل فيقول  " لقد اطر الصحافة الموصلية بكتابات اقل ما يمكن ان يقال عنها أنها كانت تتسم بالجرأة في الطرح .. فضلا عن انه كان موسوعيا والدليل على ذلك إعداده وقبل ان توافيه المنية لكتاب ضخم حمل عنوان  موسوعة اعلام الموصل في القرن العشرين فبالرغم مما لاقاه الكتاب من نقد إلا انه لايخفى علينا جميعا بأنه كان مهما لتوثيق الحركة الثقافية في مدينة الموصل إما عن الإهمال في تذكير مثل هذا العالم فانه عائد بالدرجة الأولى الى المؤسسات الثقافية والأدبية في مدينة الموصل فكان لابد من إقامة حفل لتكريم وتذكير هذا الأديب الموصلي واعطاؤه حقه لكونه لعب دورا كبيرا في رفد الثقافة الموصلية لعقود عديدة بإبداعات ومتابعات ومقالات وقصص فضلا عن عمله الأكاديمي وإشرافه على رسائل الماجستير واطاريح الدكتوراه و اخيرا لا يسعنا إلا ان نقول الى رحمة الله أيها الأديب الكبير" إما الشاعر الدكتور محمد مردان فقال عن الراحل عمر الطالب :"عرفته  منذ ان بدأت كتابة الشعر  حيث كنت أرسل له قصائدي  لنشرها في مجلة الجامعة التي كانت تصدر عن جامعة الموصل  وقد نشر لي  لعضا من تلك القصائد  كما كان يمنحني آرائه النقدية  بشأنها  وقد كتب عن ديواني الأول الذي حمل عنوان (أشعار الشجر )  حينما صدر  عن وزارة الثقافة والإعلام عام 82 ونشر المقال في جريدة الثورة ،وكنت التقي به في العديد من الأمسيات الثقافية في مطلع الثمانينات في جريدة الحدباء  او في الجامعة حيث كان يدرس  كما ذهبت الى داره بمعية  الصديق الدكتور فائق مصطفى  حيث كانت تعقد جلسات أدبية  حيث كان الراحل يتمتع باهتمامات متنوعة  فقد كتب في مجال النقد الأدبي وعن السينما  وعن الشخصيات الفنية  والأدبية .. إما عن رحيله وما ترك من اثر لا يمحى فأشار الدكتور مردان :"رحيله خسارة  لاتعوض  ولقد مر عام على ذكرى رحيله  دون ان يذكره احد وهذا الإهمال نتحمله جميعا  فعلينا  يقع واجب الوفاء لمبدعينا خصوصا الين خدموا الأجيال  من خلال الأدب  والثقافة  وتهيئة الكوادر التدريسية  والمهنية وهذا  ابسط ما نقدمه لهم عرفانا بالجميل  " ..

 إما القاص بهجت درسون  فقال عن ذكرى رحيل الطالب :" برحيل  الدكتور عمر الطالب  فقدت مدينة الموصل  احد اعلامها  وبمرور عام على رحيله  دون استذكار  لهذه القامة الثقافية  فان المدينة تتجنى  على مبدعيها وأضاف درسون متمنيا :" نناشد المسؤولين  والمهتمين  بالشأن الثقافي ان يعطوا  أهمية لاعلام المدينة ، وان يوثقوا  لنتاجات هولاء  المبدعين الاحياء  في حياتهم ،  وكذلك الأموات كي تبقى المدينة زاخرة بعطائها دوما " ..

فيما قال القاص سالم صالح سلطان  عن الراحل : " انه يمثل خلاصة ثرية  من تاريخ وأدب الموصل  بالإضافة  الى انه رسخ  ذاكرة حية  لمدينة الموصل بشخصياتها ، وأخبارها ، وأحوالها .. واستطرد سلطان قائلا : "كان غزير الإنتاج  في مجالات الأدب المتنوعة فيما شكل غيابه اثرا  واضحا في الحركة الأدبية  الموصلية بشكل خاص والعراقية عموما  لااظن  ان الزمن المقبل  او الحاضر سيتوهج فيه قنديلا مثل عمر الطالب ..واختتم  القاص موفق العساف مشهد الآراء بقوله :" ستبقى مدينة الموصل المهمشة والمحذوفة جانبا خارج إرادة السياسة  وصناعها  وفي زاوية مظلمة  من زوايا الثقافة المنسية  وإذ نستذكر الراحل عمر الطالب  في سنته الاولى  انما نؤكد على ان الأديب الموصلي لازال أطروحة المراثي  ومثلما  اخرجوا الراحل جثة هامدة  من المستشفى العام  الى مثواه الأخير  فسوف يتبعه الآخرون  ربما  لم يجدوا  حتى من يشيعهم .. وختم  العساف كلامه بالقول : "رحم الله  الفقيد الذي احتفى بالجميع  وهم أحياء  ولم يحتفون به  وهو في ذكراه الاولى " ..

 

 

 

www.omaraltaleb.com