www.omaraltaleb.com

 

صالـون عمـر الطالـب الأدبـي ورسائلـه وذكريـات أخـرى


بقلم الأستاذ سعد الدين خضر

 

عثرتُ بين أوراقي مؤخراً على مجموعة رسائل للدكتور عمر محمد الطالب (1932ــ2008 م) أرسلها لي من المغرب يوم كان منتدباً للتدريس في جامعة الحسن الثاني للفترة بين عامي 1984ــ1989 ، حيث كانت لي معهُ مراسلات واتصالات طوال فترة مكوثهِ هناك..، وكنتُ في رسائلي إليه أنقل لهُ بعض أحداث المشهد الثقافي العراقي وأخبار الوسط الأدبي الموصلي بخاصة، وكان يرحمهُ الله يستزيد منها ويحثني علي التفصيل والتوسع، رغبةً منهُ في إدامة التواصل مع الحركة الثقافية في وطنهِ، وبدورهِ كان عمر الطالب يبعث لي ببعض أخبارهِ ونشاطاتهِ الثقافية والأكاديمية، من قبيل إشرافهِ على أطروحات الدكتوراه ورسائل الماجستير، وإلقاء المحاضرات وحضور الندوات والمهرجانات الثقافية، ومهرجانات السينما والمسرح علي وجه التحديد.
وكنتُ أُحيط بعض زملائي أدباء الموصل بما كانت تحملهُ رسائل عمر الطالب حتى باتت بالنسبة لنا مادة حوار ثقافي شغلت جلساتنا ولقاءاتنا وأبعدتنا عن الرتابة والسكون بما حملتهُ من جديد، سيما في موضوعة النقد الأدبي الحديث وتياراتهِ المستجدة، القادمة من أوربا، والمغرب أقرب إليها، تـيارات ومـذاهب من قبيل (البنيوية) و (السيميائية) و (الواقعية الثورية) و (التكوينية) ... الخ.
ترجع معرفتي بالأستاذ عمر الطالب وعلاقتي بهِ إلي سنوات الدراسة الإعدادية بين عامي 1955ــ1957 يوم كنتُ طالباً في (الثانوية الشرقية) أبرز الصروح التعليمية والثقافية في الموصل قبل تأسيس الجامـعة ..
كان عمر الطـالب مدرسـاً فيها، وقد درّسني وزملائي مادة (الاقتصاد السياسي) بأسلوبهِ الشيق اللذيذ، فحبب المادة إلينا وغطي علي ما كانت تتميز به من نشاف!! وحيث كنتُ في تلك المرحلة المبكرة من عمري ومن دراستي أهتم بالسياسة وبالاقتصاد الاشتراكي، فقد شدّني، الموضوع والأستاذ، إلي المادة حتى تفوقتُ بها وحصلتُ علي درجة عالية في الامتـحان الـوزاري العام (البكالوريا) لسنة 1957 فكان ذلك مبعث فرح أستاذي عمر الطالب واعتزازهِ بي مما وطّد أواصر العلاقة والصداقة بيننا ...، وكان من عادة عمر الطالب في التدريس انه لا يحصر نفسه وطلابه بحدود المنهج المقرر ...،
إذ كان غالباً ما يخرج عن الموضوع المقرر، ويقود الطلاب إلي مباهج الثقافة وفنون الأدب وروائع النتاجات الفكرية العالمية والعربية ويوصي بالالتفات إلي ما تحفل بهِ الثقافة الإنسانية ...!!
وحين كُنا نحار في الحصول علي الكتب والمجلات، كان يدعونا إلي مكتبتهِ الخاصة، فقد امتلك الدكتور عمر الطالب مكتبة غنية رائعة في بيتهِ، وقد جعلها أمام طلبتهِ أشبه بالمكتبة العامة المفتوحة ..
كان يدعونا إلي بيتهِ الأنيق في (حي الطيران) الساحر بالموصل لنختار ما نشاء من الكتب .. نستعيرها لقراءة خاصة قد تطول لأيام وأسابيع دون أن يُحرجنا بموعد إعادتها..!!
وأحياناً كُنا نقصد بيته سوية معه عند انتهاء اليوم الدراسي، وفي الأيام المطيرة كان يكتري عربة تجرها الخيول لتُقلنا بفرح وبهجة وهو معنا من الثانوية الشرقية وسط الموصل إلي دارتهِ الفخمة في (الطيران) أطراف الموصل قاصدين مكتبتهِ ملاذنا الثقافي... ،
وأذكر من الطلبة الذين ترددوا علي بيتهِ كل من القاص والناقد أنور عبد العزيز ، والدبلوماسي السابق الـكاتب والإعلامي مؤيد معمر،والمحامي الأديب عبد الجبار حسن(وهو شقيق المبدع عبد الإله حسن) وكذلك الحقوقي المهاجر عبد الإله الحمداني، ومعذرة لمن فاتني ذكرهُ من غير هؤلاء، ولا شك أن طقوس عمر الطالب تلك تواصلت وأثمرت إلي أجيال أعقبتنا..!!
وأذكر أن من بين الكتـب التي قرأتها من مـكتبة عمر الطالب يومئذٍ، (زقاق المدق) و (بداية ونهاية) لنجيب محفوظ، وأعمال محمد عبد الحليم عبد الله و لطفي المنفلوطي وأحمد حسن الزيات ثم سلامه موسي و يوسف إدريس و جرجي زيدان ...
كما قرأتُ بشغف وحيّرة روايات (آلام فرتر) لفيلسوف ألمانيا (جوته) وكذلك رافاييل لشاعر فرنسا (لامارتين) وأعمال أخري مترجمة، كما اطلعتُ علي مجلات مثل(الرسالة) و (الثقافة) و (الهلال) ...
كانت تلك حقبة بهيجة من عمرنا الثقافي بفضل عمر الطالب الذي أتاح لنا التجوال في عالم الثقافة الرحب الفسيح يوم لم يكن بمقدورنا شراء تلك الروائع. وتمضي الأعوام، ويصبح عمر الطالب أستاذاً في جامعة الموصل بعد نيلهِ الدكتوراه من جامعة القاهرة، وإذا بهِ أمام بعض طلابهِ مِمَنْ احتضنهُمْ في مرحلة مبكرة من حياتهم الدراسية، ولكنهم اليوم شعراء وأدباء وكُتّاب، فتتجدد علاقة هؤلاء بأستاذهِم الأول وتتوطد وتتعمق ... ويأخذهم الهم الثقافي والانشغالات الفكرية والفنية مرة أخري إلي بيت عمر الطالب ..!!
ها نحنُ أمام ظاهرة ثقافية شغلتْ المدينة ونبهت كثير من المثقفين والأدباء والفنانين إلي صالون عمر الطالب كمنتدى ثقافي وندوة أسبوعية تنعقد انتظام وشغف في دارة عمر الطالب العتيدة في حي الطيران، ولتَجمَعْ نُخَبْ المدينة، ويستقبل عمر الطالب ضيوفهُ ببشاشة وحماس، ويقوم بواجبات الضـيافة .. وزيادة ..!!
الزمن، مطلع سبعينات القرن الماضي، والعراق يشهد حراكاً فكرياً وسياسياً..، والموصل تمور بحيوية ثقافية .. والنُخْبَة الطموحة تقصد ملتقي عمر الطالب .. تبدأ الجلسة بسماع روائع الموسيقي العالمية من سيمفونيات ومقطوعات كلاسـيكية خالدة ... الجميع يُنصتْ ويتذوق .. والموسيقي تنـساب بعذوبـة ... (بحيرة البجع) (الدانوب الأزرق) (كسّارة البندق) (حلاق بغداد) (كونشرتو الكمان) مقاطع من (أوبرا عايدة) .. نسمعها علي اسطوانات نادرة أو أشرطة مسـجلة بعناية ..!! الحضـور في غاية الانسـجام، وشروحـات عمر الطالب وتعليقاتهِ علي كل مقطوعة تؤجج الانفعال الذوقي ... كُنا جميعاً من متذوقي الموسيقي، وبعضنا يتوفر علي ثقافة موسيقية عالية.
تطول جلستنا عندما نتحول إلي غرفة (الفيديو) وقد حرص صاحب الندوة علي توفير أكثر من جهاز (فيديو) حتى اذا تعب الأول أو سخن نتحول إلي الثاني ..!!؟ يا للدهشة .. العروض متصلة، ترافقها أو تقطعها نقاشات وإيضاحات فنية، وأحياناً خلافات واختلافات ... لا بأس، فالأذواق مختلفة، وكذلك الآراء والمواقف ..!! وأذكر أن من أجمل الأفـلام التي عرضها صالون عمر الـطالب: (لورنس العرب) (التانكو الأخير في باريس) (كلاب من قش) (صائد الغزلان) (الدكتور زيفاكو) ... الخ.
وكان عمر الطالب يحرص علي الحصول علي روائع نتاجات السينما العالمية، عبر سفراتهِ إلي أوربا، أو عندما كان يكلف بعض مَنْ يسافر من أصدقاءهِ بشراء أشرطة فيديو حديثة ويمنحهُ مقدماً عملة صعبة دفعاً للإحراج أو التكلّف، كما كان يفعل مع صديقهِ الدكتور يوئيل يوسف عزيز الذي كانت له ايفادات منتظمة إلي لندن وجامعة أكسفورد بالذات. وأذكر أننا سمعنا من عمر الطالب عام 1982 أنهُ يفخر بامتلاك أكبر مكتبة فيديو شخصية ، إذا استثنينا مكتبات مؤسسات وزارة الثقافة (الإذاعة والتلفزيون ، السينما والمسرح).
كان من رواد صالون عمر الطالب وندوتهِ الثقافية كل من أنور عبد العزيز وسمير الصوفي ويوسف البارودي وأمجد محمد سعيد ونجمان ياسين ومعد الجبوري وستار الشيخ وشفاء العمري ..، ومن الأكاديميين كل من الدكتور عماد الدين خليل والدكتور يوئيل يوسف عزيز والدكتور جليل رشيد فالح والدكتور صلاح الجنابي، يحضرون بغير انتظام.
كما كان يزوره من بغداد الدكتور داود سلوم والدكتور محسن عياض .. ومعذرة لِمَنْ نسيت!! توقف صالون الطالب قبل سفرهِ إلي المغرب عام 1984 ولكنهُ بقي علي اتصال بأصدقائهِ من خلال الرسائل..
وكانت رسائلهُ إلي كاتب هذه السطور موضوع هذا المقال من أغني الرسائل وأهمها علي حد علمي.
احتل الأستاذ الدكتور عمر الطالب كرسي (النقد الأدبي) عند انتدابهِ للتدريس في جامعة الحسن الثاني بالمملكة المغربية بين عامي 1984ــ1989، مما دفعهُ إلي الانهماك بدراسة وتفحص ملامح النقد الأدبي وبداياتهِ في المغرب، ذلك النقد الذي تميزــكما نعلم بطابع إيديولوجي من جهة، والاقتراب من مذهب (الواقعية الثورية) ...، رافضاً (الحياد الأدبي) و (الخصوصية الإنسانية) و (صنعة النقد) من جهة أخري ..، تلك الاقانيم التي غلبت علي حركة النقد الأدبي ومختلف المدارس النقدية في المشرق العربي كما يري النقاد المغاربة ..!!؟؟
هذه الحالة الفريدة، وهذه المواقف والسمات النقدية الفارقة، دفعت عمر الطالب إلي العودة إلي ستينات القرن الماضي يوم ظهرت في المغرب دراسات نقدية جادة ومميزة، بل ومختلفة، عكست جوانب من الصراعات الفكرية والأيديولوجية شغلت الحياة الثقافية والأكاديمية آنذاك ...، عاد عمر الطالب إلي تلك النخبة من النقاد المغاربة الذي حفروا مساراتهم النقدية باقتدار وتمايز وضح لاحقاً وما زال يُدرس كظواهر أدبية!! ومن هؤلاء النقاد الذين أنكب عمر الطالب علي دراسة أعمالهم النقدية المفاجئة يومئذٍ، نذكر عبد القادر الشادي في كتابهِ (سلطة الواقعية والنص العضوي) وكذلك إدريس الناقوري وكتاباتهِ: (المصطلح المشترك) و (ضحك كالبكاء) و (الوساطة في الرواية) وأيضاً دراسات إبراهيم الخطيب (فن القول) و (عن المرأة والوردة) وترجمتهِ عن الروسية(الحكاية والخرافة)...
إذن لقد اهتم عمر الطالب بمراجعة إسهامات التجديد والتطوير في الحركة النقدية المغربية ثقافياً وأكاديمياً، عاد عمر الطالب إلي أعمال محمد برادة ومحمد مفتاح وسعيد يقطين ومحمد بيتيس وحسن بحراوي وسواهم هكذا حدثنا مراراً بعد عودته من المغرب ..، كما حدثنا عن المذاهب النقدية المعاصرة والمستجدة السائدة في الوسـط الثقافي المغـربي، حدثنا عن (البنيوية) و (السيميائية) و (التفكيكية) ... وكان قد أورد ذلك في رسائلهِ ..، وأكثر من هذا فقد شدد علي انتباههِ إلي عناية الجامعات المغربية بدراسة (الأقاليم) وإقامة المؤتمرات وعقد الندوات والحلقات الدراسية السنوية لعرض ومناقشة تلك الدراسات .... وهنا استدرك عمر الطالب قائلا أن تلك الحالة لفتت عنايتهُ إلي ضرورة دراسة مدينتهِ (الموصل) وما تحفل بهِ من تيارات ومدارس فكرية وأدبية وهذا ما دفعهُ إلي توجيه طلبة الدراسات العليا في جامعة الموصل إلي دراسة الموصل كأقليم حضاري ماضياً وحاضراً ومستقبلاً .
وانسجاماً مع هذا التوجيه فقد كتب عمر الطالب عن (الحركة المسرحية في الموصل) وعن (الحكاية الشعبية الموصلية) و (الفنون الموصلية) .. وكانت خاتمة إسهاماته في هذا المجال عملهُ الكبير الذي أثار بعض اللغط والاعتراض، والذي أصدرهُ مركز دراسات الموصل بجامعة الموصل ويقع بـ (670) من الحجم الكبير، وأعني بهِ (موسوعة أعلام الموصل) الصادرة أواسط عام 2008 م قبيل وفاتهِ بأسابيع ..!!؟
في رسالة مؤرخة بتاريخ 7/5/ ؟؟ من عام 1987 كما أظن ، يبدأ عمر الطالب بالتحايا القلبية ثم يكتب (وصلت رسالتك المبهجة وهي الرسائل الوحيدة التي تشبع شغفي إلي أخباركم .. كانت هذه الفترة بالنسبة لي غنية بالنشاط ، ألقيتُ محاضرتين ناجحتين في مراكش، والتقيتُ هناك بالدكتور البهبيتي وهو يسكن مراكش بعد أن أُحيل علي المعاش في مصر، وأهداني مجموعة كتبهِ ... شاركتُ في الأسبوع الثقافي الذي أقامتهُ الكلية وألقيتُ محاضرة .. وحضرتُ جلسات (مؤتمر النقد والإبداع) الذي أقامهُ اتحاد الكُتّاب العرب، ولم يكن المؤتمر بالمستوي المطلوب!! ورصدت الصحافة المغربية جوانب سلبية كثيرة عليهِ وهي محقة في ذلك وحضرتُ (أسبوع مسرح الهواة) الذي قدم عروضه في الرباط وكانت أفضل المسرحيات التي قُدِمَتْ مسرحية (المفتاح) ليوسف العاني بإخراج جديد. كما حضرتُ (يوم المسرح العالمي) واستمر لمدة أسبوع وقُدمتْ فيه ست مسرحيات كان أفضلها (أبو حيان التوحيدي) للطيّب ألصديقي ...وأنا أشاهد كل يوم فلماً في الفيديو ومعظمها لا يرقي إلي مستوي الأفلام التي عندي في العراق ..، ويعرض تلفزيون المغرب يوم الأحد فلماً جيداً لأحد المخرجين الكبار ... وتبقي متعة القراءة هي الأولي، لقد قرأتُ حتي الآن معظم الكتب المتعلقة بالسيميائيات والنظريات الجديدة المتعلقة بالنقد .. كما دفعتُ بكتابين ورواية للطبع .. لقد رضي العميد وهو الكل بالكل هنا عن البرنامج الذي وضعتهُ للدراسات العليا .. غداً سأذهب إلى فاس لإلقاء محاضرتين ثم إلي مكناس لإلقاء محاضرة..)
وفي رسالة أخرى مؤرخة بتاريخ 11 / 11 / 1987 .. يقول: (أما الموسم المسرحي في هذه السنة فلم يبدأ بصورة جديه بعد وستستقبل الرباط لمدة شهر كامل كافة الفرق العربية وعندئذٍ ستكون المتعة كبيرة، وأفضل ما شاهدتُ هذه السنة فرقة الرقص الجورجية ... أما ندوة الرواية التي أُقيمت بين 30/1ــ10/11 فلم تكن بالمستوي المرجو منها وقد حضر من مصر صبري حافظ والأستاذة الدكتورة فريال جبوري غزول(موصلية تعمل أستاذة في الجامعة الأميركية في القاهرة ) و إبراهيم أصلان و عبدو جبير وحضر من المغتربين السوريين جورج طرابيشي و مطاع صفدي و خلدون الشمعة إلي جانب محي الدين صبحي وكانت متعة لا بأس بها انشغلتُ بها ثلاثة أيام وحضرتُ كل جلساتها، وقد قدم سامي مهدي شهادة جيدة عن كتابتهِ للرواية، ويبدو أنهُ أصدر رواية عن الحرب في الآونة الأخيرة (!!؟؟).
أما فؤاد التكرلي فقد قدم شهادة بائسة علي الرغم من أنهم قدموه بإسم الروائي العراقي (الكبير) وكانت المفاجأة ألا أحد يعرفهُ في المغرب ولم يقرأ لهُ أحد (!!؟؟)، وقدم محمد الجزائري بحثاً ضعيفاً جداً وقد أعددتُ له انه ذكر اسم (أسماء!!؟) ثمانين رواية في عشرين دقيقة بينما انصبت جل البحوث علي دراسة رواية واحدة، ولم يكن المغاربة أحسن حالاً في بحوثهم من المشارقة، والمفيد في مثل هذه الندوات أن يستعرض الإنسان (الديكورات) الثقافية التي ستؤدي بالثقافة العربية لأنهم يكررون ويعجنون ولا شيء جديد. وهذا ما أُحسّه أيضاً بالنسبة للمجلات العربية حتي أنني بدأتُ أسأم قراءتها.
وصدر منذُ أسبوعين كتابي: ((ملامح المسرحية العربية الإسلامية)) عن دار آفاق جديدة وطُبع كتابي في لبنان بطبعة أنيقة وسأرسل لك نسخة حال تسلمي لنسخي ...وأنا مشغول الآن بمراجعة بروفات كتبي العشرة التي تُطبع وربما صدر بعضها في أواخر عام 87 وأوائل عام 88)؟؟
وفي الرسالة المؤرخة بتاريخ 10 / 1 / 1988 وبعد التحايا والأشواق يكتب عمر الطالب (لم تكتب الصحافة هذه السنة أي خبر عن المربد وكأنهُ لم يكن ويبدو أن المستوي الشعري لم يكن كعهدهِ في السنوات السابقة، وقد وصلتني الدعوة للمربد قبل السفر بأسبوع ولم أتمكن من المجيء ... وقد وصلتني دعوة لحضور مهرجان المسرح في العراق الذي سيبدأ في 10/2 ولم تصلني بعد تذكرة الطائرة فإذا ما تأخرت أسبوعاً آخر سوف لن أتمكن من القدوم أيضاً علي الرغم من شوقي الشديد لرؤيتكم ... الراحة في المغرب متوفرة ... العمل في الجامعة نزهة نمارسها مرة في الأسبوع ... لأنني لا أقوم فيه بغير إلقاء محاضرتين فقط علي طلبة الدكتوراه ... صدرت لي خمسة كتب .. (ملامح المسرحية العربية الإسلامية) صدر منذُ ثلاثة أشهر وأرسلتُ لكم ثلاث نسخ (!!؟؟) .. وقد أقامت دار الإذاعة حواراً معي حول الكِتابْ دام ساعة وأذيع من إذاعة الرباط أكثر من مرة كما سجلت مقابلة تلفزيونية لمدة ساعة تحدثتُ فيها عن الكتب الأربعة الأخري (المدخل إلي مناهج الدراسة الأدبية) و (المناهج الحديثة في الدراسة الأدبية) و (امرؤ ألقيس بين الاغتراب الاجتماعي والاغتراب الكوني) ومجموعة قصصية بأسم (البحر الحزين) ولدي في الطبع عشرة كتب أخري جديدة وأربعة إعادة طبع، كما أنني أعمل في كتاب جديد وأظن أنني بهذا الإيفاد قد أخذتُ فرصتي ولم أُضِعْ الوقت هباء ... يُقام الآن في الرباط مهرجان للمسرح العربي، لم تكن المسرحيات بالمستوي المطلوب عدا بضع مسرحيات إحداها شاهدتها بالأمس (مهرجان المهابيل) تدور حول المحاكمة التي أقيمت لكتاب ألف ليلة وليلة في مصر، وهي مسرحية جيدة كتبها مسرحي مغربي يدعي محمد مسكين، وسأشاهد اليوم مسرحية لمحمد الماغوط بأسم (بلا حدود) أما الأفلام فكثيرة ويعجز الإنسان عن الاختيار .. أرسل العميد في طلبي قبل أسبوع وأعلمني بأن الوزارة قد جددت عقدي لِسنة خامسة .. ولم أُقرر بعد الموافقة .. لأنني سئمتُ البُعدِ عن الوطن ...).

 

 

 منقول عن موقع ملتقى أبناء الموصل http://www.mosul-network.org