الصفحة الرئيسة لموقع الدكتور عمر الطالب

 

الشعـر الدينـي في الموصـل في القـرن العشريـن

الشيخ بشير الصقال نموذجا

دراسات موصلية

بقلم الأستاذ الدكتور عمر محمد الطالب

 

الملخص

ولد بشير الصقال في مدينة الموصل ودخل الكتاّب وتعلم القراءة والكتابة وأخذ الاجازة العالمية عن الشيخ عبد الله النعمة . وكان بشير الصقال شاعراً وخطيباً مارس التدريس في المدرسة الأحمدية الدينية عام 1353هـ/ وانتقل للتدريس في عدة جوامع منها جامع النبي يونس . وعُرف بشير الصقال بمقاومته للنفوذ البريطاني وتأييده لحركة رشيد عالي الكيلاني عام 1941 وأعتقل ثلاث سنوات . كما أعتقل مرةً ثانية عام 1948 لثلاثة أشهر إثر وقوفه ضد معاهدة (بورتسموث) وخطبه اللاهبة التي أثارت المصلين والشعب .

وجلس الصقال للوعظ في جامع النبي جرجيس عصر يومي الاثنين والخميس من كل اسبوع وأصدر جريدة (البرهان) واتبع فيها أسلوب محمد عبدة في الرد على المستشرقين .

إمتهن الصقال التجارة بعد فصله من الوظيفة عام 1948 ، وبذل جهداً في إنشاء الجمعيات مثل جمعية البر الاسلامية وجمعية الشبان المسلمين وفرع جمعية الهداية الاسلامية ودرس عليه عدد من الطلبة أخذوا عنه الاجازة العالمية . وشعره شعر ديني وشعر مناسبات وشعر وطني وفي نظره لا يمكن فصل الدين عن الدنيا ، وهو خطيب شهير لما يملكه من صوت قوي وفصاحة لغوية .

 

 المقدمة

ساد الشعر الديني آبان القرن التاسع عشر في الموصل بشكل واضح لدى الشعراء من امثال عبد الباقي العمري، وعبد الغفار الاخرس وحسن البزاز وغيرهم. واستمر الشعر الديني واحداً من الموضوعات الهامة لدى الشعراء في الموصل في النصف الاول من القرن العشرين ولاسيما لدى المخضرمين من الشعراء الذين ولدوا في القرن التاسع عشر وادركوا القرن العشرين ومارسوا الشعر في ظل الحكمين العثماني والوطني من امثال احمد محمود الفخري وعثمان الموصلي ومحمد شيت الجومرد ومحمد حبيب العبيدي والذين ولدوا في القرن التاسع عشر ولم تنضج شاعريتهم الا في القرن العشرين مثل فاضل الصيدلي ومحمود الملاح ونعمة الله النعمة وان امتزج الشعر الديني عند بعضهم بالشعر الوطني مثل محمد حبيب العبيدي ومحمود الملاح وفاضل الصيدلي الا انه بقي نقياً صافياً عند احمد محمود الفخري وامتزج بالتنزيلات والموالد في شعر عثمان الموصلي واقتصر الشعر المتبقي لمحمد شيت الجومرد ونعمة الله النعمة على الشعر الديني. ولم نتعرف على شعر لهم في موضوعات اخرى. الا ان الشعر الديني اختلط بالشعر الوطني ولاسيما بين عامي 1918-1958 عند الشعراء في الموصل لمرور المدينة باحداث سياسية خطيرة مثل عروبة الموصل والحكم الوطني ومااكتنفه من انقلابات سياسية اهمها بين عامي 1936-1941 والمسألة الفلسطينية بداءاً من عام 1935 والانتفاضات المستمرة ضد المعاهدة البريطانية العراقية والدستور العراقي والاتحاد الهاشمي وحلف بغداد حتى قيام ثورة 14/تموز/1958. وقد تناول شعراء الموصل هذه الاحداث السياسية المهمة مختلطة مع الشعر الديني. وبقي للشعر الديني تميزه واصالته في المناسبات الدينية ولاسيما في المولد النبوي الشريف حيث لم يخل شعر هذه المناسبة الدينية العظيمة الا عند النزر اليسير من شعراء الموصل الا انه برز في شعر الاغلبية الطاغية من الشعراء حتى اولئك الذين لم يعرفوا على نطاق واسع من الجمهور العراقي او العربي، او مارسوا الشعر في نطاق محدود مثل شعر عبد المالك الطالب وعبد الوهاب العدواني وعبد العزيز الجادرجي واحمد المختار.

ويعد الشاعر اسماعيل حقي فرج من ابرز الشعراء الذين تراوح شعرهم بين الشعر الديني وشعر المناسبات والشعر الوطني والشيخ بشير الصقال ومحمد علي الياس العدواني وحسين قاسم الفخري واحمد قاسم الفخري ومن الشعراء في الموصل من اوقف شعره في دواوين خاصة على الشعر الديني فقط مثل نعمة الله النعمة وبشير حسن القطان في ديوانه المخطوط الذي لم يجد فرصة للطبع وشعر ذنون يونس الاطرقجي الديني ودواوين حكمت صالح العديدة المطبوع منها والمخطوط. والشعر الديني ذو السمة الاصيلة غير المباشرة والتي تنبع من اعماق الروح والفكر الديني عند الدكتور عماد الدين خليل في ديوانيه (جداول الحب واليقين)1978 و(رحلة في المصير) 1979.

وقد درست جميع هؤلاء الشعراء في كتابي (الشعر في الموصل في القرن العشرين) (مخطوط) 1992. الا انني آثرت اختيار الشاعر الشيخ بشير الصقال لهذه الندوة لما لشعره الديني من أثر كبير في النفوس ولأن الكثيرين من الجيل الجديد لم يتعرفوا على شعره الديني القوي الآخاذ. ومنهم من لايعرفه من الشباب الذين ولدوا في خضم الحروب والصراعات والاحتلال فقد توفي رحمه الله عام 1986 آبان الحرب الخليجية الاولى. وعرف خطيباً في صلاة الجمعة. ورجل دين ورع له مواقف سياسية صلبة اكثر مما عرف شاعراً. وارجو ان اكون موفقاً في الاختيار والدراسة.  

 

سيرته

ولد بشير بن احمد بن عز الدين الصقال في مدينة الموصل عام 1906 في بيت علم وتقى، دخل الكتّاب كعادة اطفال المدينة، وقرأ القرآن الكريم على السيد عبدالله البحراني وبعد   ان تعلم القراءة والكتابة انتقل الى المدرسة العثمانية الاميرية، وواصل فيها الدراسة حتى الصف السادس الابتدائي، ثم تركها ليلتحق بحلقات الشيوخ من علماء الموصل للحصول على العلوم الشرعية، فدرس على احمد حميد الحمداني المعروف بالمسدّي وعلى الشيخ صالح الجهادي الشهير بالبربر والسيد داؤد الوضحة واتصل بعد ذلك بالشيخ العلامة محمد الرضواني ولازم حلقة الشيخ عبدالله النعمة وقرأ عليه العلوم النقلية والعقلية واللغة العربية واخذ عنه الاجازة العالمية سنة 1349 هـ.

كان بشير الصقال خطيباً وشاعراً، وهو القائل في الشعر:

عصر الكلام تصرمت اوتاره  ***  فغدا يجُّر وراءه الانغاما

لو كان ينفعنا الكلام منمقاً  ***  لملأت اذان الزمان كلاماً

مارس الصقال التدريس في المدرسة الاحمدية الدينية عام 1352 هـ، ويبدأ التدريس مع صلاة الفجر وينتهي منه قبيل صلاة الظهر. وافاد طلابه فائدة جلى، وانتقل للتدريس في جامع الباشا بعد ان اجريت ترميمات في المدرسة الاحمدية وعاد الى التدريس فيها بعد الانتهاء ومن ترميمها فضلاً عن تدريسه في جامع النبي يونس.واسند اليه الخطابة في جامعي الاغوات والباشا وكان رحمه الله يمتلك صوتاً جهورياً رخيماً وقدرة خطابية فذة تؤثر في سامعيه ايما تأثير وكان منفتحاً على اهل الموصل يحبهم ويحبونه ولايني عن توجيههم وشرح طبيعة الاسلام لهم وتعريفهم بحقيقته فضلاً عن المامه بشؤون الحياة العامة ومعرفته بخفايا السياسة وهو احد العاملين على فتح فرع جمعية الشبان المسلمين في الموصل، وعرف الصقال بمقاومته للنفوذ البريطاني وتأييده لحركة رشيد عالي الكيلاني، فحكمت عليه السلطات بالاقامة الجبرية في داره بعد فشل الحركة عام 1941 واعتقلته ثلاث سنوات في عام 1942، ثم اعتقلته ثلاثة اشهر عام 1948 على اثر وقوفه ضد معاهدة (بورتسموث) وخطبه اللاهبة التي اثارت وطنية المصلين والشعب كافة، وقال في خطبته الحماسية التي شبه فيها حكام بغداد آنذاك بحكم (نيرون) الذي احرق روما من اجل ان ينظم بيتاً من الشعر. قال الصقال بيت الشعر الذي عرف به واثار الناس فخرجوا من الجامع بمظاهرات صاخبة:

والشعب ان رام الحياة عزيزة  ***  خاض البحار دما الى آماله

وفي تدريسه كان الصقال يصطحب كتبه كطلابه ويراجع الموضوع او الباب الذي يدّرسه قبل عرضه على طلبته، ومن تلامذته الذين لهم اثر في الحياة الدينية والشرعية في مدينة الموصل: محمد ياسين، ومحمد العمر، ومحمود حسن عكلة، وعبد الرحمن احمد المحمود، وابراهيم نعمي ذنون، ونوري عبدالله، واكرم عبد الوهاب، وابراهيم النعمة. وجلس الصقال للوعظ في جامع النبي جرجيس عصر يومي الاثنين والخميس من كل اسبوع

وكان الناس يئمون مجلس وعظه لسماع مايقوله الشيخ الصقال في الرد على اعداء الاسلام وكتب في صحف عديدة، محلية وعراقية وعربية في سوريا وفلسطين ومصر، وكانت مراسلات بينه وبين (شكيب ارسلان) الاديب الشامي المعروف وورد في احدى رسائله الى الصقال: (ان المقالات التي تكتبونها لما تقّر بها أعين أمثالي " ولم يكن الصقال بعد قد جاوز السابعة عشرة من عمره(1) (ابراهيم النعمة. اليقظة الاسلامية ص13) وذكر النعمة ايضاً في كتابه آنف الذكر (ص14) طموح الصقال في اصدار جريدة، تمكن من اصدارها باسم الشيخ عبدالله الصوفي وحملت اسم (البرهان) اصدرت عدة اعداد  وتوقفت عن الصدور بعد ان نشر فيها الصقال مقالاً يشرح فيه بنود اتفاقية عقدت بين انكلترا والعراق، وفيها انتقاد صارخ لسياسة العراق آنذاك. يقول ابراهيم النعمة في صدد توقف جريدة البرهان: (واداء للامانة العلمية، اقرر هنا ماذكره لي استاذنا الصقال من ان الدافع لكتابة ذلك المقال: ان تقوم الحكومة بإغلاق الجريدة بعد ان ضاقت السبل في امر اصدارها. اذ الدوائر الحكومية لاتنشر عنده شيئاً من الاعلانات وتصحيح الجريدة يتحمل هو عبئه الاكبر، وهكذا اغلقت الجريدة وألفي امتيازها)(ص14) واتبع الصقال نهج الشيخ محمد عبده وجمال الدين الافغاني في شرح الاسلام والرد على المستشرقين، وكان يرى في كتاباتهما النموذج الذي يسير في ظله، وقد تأثر بمحمد عبده تأثراً كبيراً وقال فيه: (ان هذا رجل عظيم. استطاع ان يخدم الاسلام خدمة كبيرة هو واستاذه جمال الدين الافغاني. واذا كانت السهام قد انتثلت وريشت ورمي بها هذان العالمان، فلآن كلا منهما بذل جهود كبيرة في ايقاظ العالم الاسلامي، وتخليص المجتمع من الجمود الذي ضرب اطنابه في طول البلاد الاسلامية وعرضها اذ ذاك، وما اليقظة الفكرية في العصر الحديث الا ثمرة من ثمرات ذلك الفرس الطيب، لكن الذين تربوا في مجتمع عكف على الجمود وعض عليه بالنواجذ، عزّ عليهم ان يروا افكاراً اسلامية تنطلق من مقال التقليد الاعمى ويتلقفها الناس بإعجاب شديد، فصار الجامدون يشنون الحملات تلو الحملات ضد هاتين الشخصيتين العظيمتين) (ابراهيم النعمة.م.ن ص16)

وامتهن الصقال التجارة مصدراً للرزق بعد ان فصل من وظائفه عام 1948 على الرغم من انّ التدريس عنده افضل من اية مهنة اخرى لانه يصله بطلابه وبالعلم مباشرة. وجهوده في انشاء الجمعيات الاسلامية في الموصل معروفة فقد قام بتشكيل جمعية البر الاسلامية، وفي هذه الجمعية ميتم يقبل فيه سبعون طالباً من الطلاب اليتامى. وصار رئيساً للجمعية بعد وفاة شيخه عبدالله النعمة. وكان كاتم سر جمعية الشبان المسلمين وله فيها مجلس يشرح فيها احاديث صحيح البخاري، وقام بتأسيس فرع جمعية الهداية الاسلامية في الموصل وعقرة. وله كتاب اليقظة الاسلامية في العصر الحديث.

وقد اجاز الصقال عدداً من طلبته الذين اخذوا العلم عنه منهم : محمد علي الياس العدواني، وشاكر النعمة، ومحمد ياسين ومحمد عمر الحديدي ونعمان حسين الموالي، وشمس الدين البدري ومحمود حسن عكله وعبد الهادي الحاج علي وابراهيم خلف عنيز.     

 

بشير الصقال شاعراً

توزع شعر بشير الصقال بين شعر المناسبات والمحافل وهو اكثر شعره، والشعر الذي لا يلقى في المحافل والمناسبات الا انه يتصل به بوشائج قوية، وهو امر مفروغ منه فالصقال رجل دين وخطيب جمعة فهو وجه من الوجوه الدينية في الموصل فاحتل شعر المناسبات الدينية مكاناً بارزاً في شعره، فضلاً عن انه رجل سياسة فهو من الوطنين المكافحين عن الاستقلال والاعلاء من شأن الوطن ومن المطالبين بالحرية والديمقراطية ولاينفصل الشعور الوطني عنده عن المشاعر الدينية، فهما يتوشجان معاً: الاسلام والوطن، ولايمكن في نظره فصل الدين عن الدنيا، لأن كلا منهما يكمل الآخر، الا ان الغلبة في شعره من حيث الكم للمناسبات الدينية لانها ترتبط بصلب عمله فهو خطيب بارز من خطباء الجمعة يسمعه مئات الناس يحتشدون في الجامع قبل صلاة الجمعة لسماعه فلا عجب ان يمنح الجانب الديني جل شعره، وهو يمتاز بالجزالة والقوة، فقد جاء في قصيدته (ذكرى المولد) التي القاها في ذكرى المولد النبوي التي اقامتها جمعية الشبان المسلمين في المدرسة الثانوية(5) في 4 / آب / 1931 سمعها جمهور غفير واعجبوا بها اعجاباً شديداً ورددتها افواه اهالي الحدباء ونشرتها جريدة (صدى الجمهور) في صفحتها الاولى في قوله:

للمعالي ما انجب العظماء  ***  والمعاني ماابدع الشعراء

ولمن في الوجود آيات هدي  ***  انبأتنا بحكمها الانبياء

من نعيم مؤبد وجحيم  ***  تقتضيه العدالة الزهراء

فسعيد بهديها وشقي  ***  بهداها وساءت الاشقياء

غصبة غالطوا العقول ولولا  ***  قوة الحق مااستقام البناء

عطلوا حكمة الوجود وصعب  ***  ان تقرّ الحقائق الادعياء

واذا خامر النفوس ضلال  ***  عمَّم الظلم ساحها والعماء

وتولت غياهب الشوك لما  ***  بشرتنا (باحمد) البشراء

وتدلت كواكب السعد للارض  ***  وللارض رونق وبهاء

لم يدع نجوة من الفضل الا  ***  ورقاها الاقدام والاسراء

مهدّ الارض بعد ماراضها الجهل  ***  وعمّت ارجاءها الظلماء

امة خصها العظيم بآيات  ***  عظام بنورها يستضاء

نشرت حكمها على الارض عدلاً  ***  فاستقامت اركانها العلياء

وهو لايدع الامر للمناسبة العظيمة فقط بمولد الرسول الاعظم (ص) دون ان يربط الدعوة الاسلامية بالدعوة الى التحرر وايقاظ الهمم: والهدي الى طريق الصلاح طريق الاسلام والعقيدة السمحاء حيث يقول:

واستبدت بمطلع الشمس جهلاً  ***  امراء للغانيات اماء

كلما حاولوا التكاتف حالت  ***  غلطة دون قصدهم وعداء

قد تناسوا ما كان للشرق حتى  ***  غشيتهم سحابة سوداء

وكذاك الشعوب تغنى وتنحط  ***  اذا استحكمت بها الاهواء 

وينهي عرضه الجميل لمولد الرسول(ص) وسوء الحال في الوطن العربي وتفشي التخاذل بحثا عن المصالح الخاصة والتنحي عن السبيل القويم الى التقليد والتبعية للغرب انظمة وشعوباً، وتواشج العلاقة بين التخلف وتجنب الطريق السوي وهذا التعاشق بين التخلف والتبعية لايبعده الا رجل عظيم وذكرى عظيمة هي ذكرى مولد المحرر الكبير من الجهل والعماء، مولد الرسول الكريم (ص). كل هذا يدفع الصقال الى تساؤلات جمة تثير الهمم وتحفز العزائم في هذا اليوم الأغر. انها تساؤلات يكمن فيها الجواب والحل السليم:

ليت شعري والفاتكات الليالي  ***  (م) اين تلك العروض والعظماء

مالذي غالها وقد كانت الارض  ***  (م) لتخشى حملتها والسماء

أحروب تتابعت ام خطوب  ***  ودواه تضافرت ام عداء

ورزايا تراكمت ام دنايا  ***  ورجال تخاذلت ام نساء

انبؤني ماداؤها فدوائي  ***  هو علمي ماداؤها والدواء.

والقى بشير الصقال في السنة التالية وفي المناسبة ذاتها قصيدته (لايسود السكون ارضاً وفيها / نسم من نسائم الحيوان) بتاريخ 24 / 7 / 1932 في احتفال اقامته جمعية الشبان المسلمين في ذكرى ولادة الرسول)(ص)، ورد في مطلعها قوله:

ضم معنى العلا بأسنى المعاني  ***  فانجلى كل غامض للعيان

واستضاءت سرائر الكون لما  ***  اشرقت حكمة شموس الامان

وتباهت بمن اليه تناهت  ***  دولة الوحي من اجلّ بيان

بالنبي الأمي الصادق الوعد العظيم الاخلاق في كل شأن

باعث الوحدة التي مزقتها  ***  سفراء الاديان في الهذيان(6)

ونشرت في جريدة (المعارف) (العدد12 في 24 / 7 / 1932)

وينحو بشير الصقال في شعر الموعظة والنصح المنحى الديني نفسه. فهو لايجد وسيلة للنهوض بغير التمسك بأهداب الدين الحنيف. والابتعاد عنه ضلال وجهل، ذلة وتخلف وانصياع للاجنبي الغادر، ومثال على مانقول قصيدته (الى السائح العراقي)(7) (فتى العراق العدد 35 في  8 / 6 / 1930 حيث يقول فيها:

هكذا المجد همة ومضاء  ***  فتعالى ماشئت فيما تشاء

لك نعم الثواب من عالم الخلد  ***  جزاء والخلد نعم الجزاء

ازهرت دولة المفاخر في الشرق ودانت لحكمها العظماء

وتجلت روح العدالة في الكون وللعدل رونق وبهاء

ياعصوراً ما ان لها من نشور  ***  وقصوراً مما طواها الغناء

اين تلك العروش هل من معاد  ***  اين ذاك العلا وتلك السماء

يوم كان القضاء والامر شورى  ***  يوم كنا وكانت الخلفاء

درجتها الاحقاب الا قليلاً  ***  من بقايا تحفها الارزاء

ويحتل الشعر الوطني حيزاً مهماً في ديوان بشير الصقال الشعري، وهو اذ يتظاهر بعدم اهتمامه بالساسة والسياسيين الا اننا نجده معنياً بهما ولاتكاد قصيدة من قصائده تخلو من تقريع للساسة وتوجيه للناشئة ان يتركوا السير وراء الاراء المستوردة من الغرب والالتزام بالنظام الاسلامي المعتمد على العدالة والمساواة والشورى، يدفعه هاجس وطني ملك عليه جوانب نفسه، وهذه قصيدته (قم للتضامن ناشئاً يتسامى) تدلل على اهتمامه بالسياسة، وقد القاها في الاحتفال المقام في فندق (بارون) في الموصل بتاريخ 23/5/1933(8). ونشرتها جريدة (البلاغ) في ملحقها في اليوم التالي، بمناسبة افتتاح شعبة حزب الاخاء الوطني في الموصل وكان من بين المتكلمين في ذلك الاجتماع (محمد رضا الشبيبي وابراهيم عطار باشي وجمال المفتي وضياء يونس معتمد شعبة الموصل للحزب). وقد آبانت القصيدة عن مشاعر الصقال الوطنية المتأججة ودعوته للاخاء والتكاتف من اجل رفع شأن الوطن للخلاص من السيطرة الاجنبية المقنعة وراء الحكم الوطني جاء فيها :

قم للتضامن ناشئا يتسامى  ***  وانْفِ الخمول وحطم الاوهاما

واعمل على جمع الشتات بهمة  ***  تأبى السكون وتأنف الاحجاما

وارق بسعيك مخلصاً رتب العلا  ***  وانهض باعباء (الاخاء) حماما

سدد خطاك فما اراك بقاصر  ***  ان تبلغ السروات والاعلاما

واربأ بفكرك ان تروح مسخراً  ***  للطائشين اذا اعتزمت مراما

اني اعيذك من وساوس معشر  ***  حسبوا الوراء بما جنوه اماما

واذا الشعوب تنافرت بجهودها  ***  ألفيت كل مشيّد هداما

انت المؤمل والحوادث جمة  ***  والغاصبون يصوبون سهاما

انا ان اطلت ولست اول من شكا  ***  غبن العراق فهل اكون ملاما

قالوا : اساليب التمدن في الورى  ***  تقضي بأن تتجزأوا اقساماً

قتل التمدن كم تهتك بأسمه  ***  متأثمون وكم احلوا حراما

قم ياابن من دكوا الضلال وشيدوا  ***  من فوق اكتاف الشقاق وئاما

قل للذين تناقضوا بعهودهم  ***  ماكان وحي الاتحاد مناما

غرست يد الايقاظ في اعماقنا  ***  معنى (الاخاء) فأثمرت اقداما

حرص (العراق) على الوفاق حمية  ***  حرص الانام على السلام سلاما

روح الشعوب شبابها فاذا ونى  ***  فأقرأ على تلك الشعوب سلاما

ولم يتمالك بشير الصقال اعصابه ويتمسك بأهداب الهدوء والاكتفاء بالنصح والارشاد وانما تتملكه سورة الغضب اذا ما احس بأن وطنه يتعرض للايذاء والهوان، فهو يتأجج حماساً لايقاظ الهمم والذود عن حياض الوطن، والدفاع عن الشهادة عن الحقوق التي استباحها المستعمر الانكليزي والعمل على اخذ الحقوق المشروعة بالقوة والعمل الجاد، وعدم السير وراء الاضاليل والخطب الجوفاء في قصيدته (وعاثوا في الجزيرة مفسدينا) التي القاها في الجامع الكبير في الاجتماع الذي عقدته الجماهير في الموصل يوم الجمعة المصادف  21/ أذار / 1930 احتجاجاً على تصلب السياسة البريطانية في العراق وعدم قيام الحكومة البريطانية بتنفيذ وعودها للعراق ولجوئها الى التسويق والمماطلة وخطب في هذا الاجتماع كل من (احمد الجليلي، وابراهيم عطار باشي وسعيد الحاج حسين آغا وعبد المنعم الغلامي وبشير الصقال واحمد سعد الدين زيادة)(9) (جريدة قتى العراق، العدد 37 في 11 / 6 / 1930). قال الصقال في قصيدته الثائرة هذه.

بأي عزيمة سحروا العيونا  ***  وبأي جناية لم ينصفونا

وفيما اوسعوا الهضبات دكا  ***  وعاثوا في الجزيرة مفسدينا

ولو كنا هناك نجر سيفا  ***  وجدنا عندهم عطفاً ولينا

أأقطاب الدسائس والدنايا  ***  نناشدكم بم استحللتمونا

متى حل اغتصاب حقوق قوم  ***  - لقوم اصبحوا مستضعفينا

فكان الوعد وعدكم وعيدا  ***  وارهاقا وتشتيتا ومينا

بنى وطنى بنى قومى استعدوا  ***  فعار (ان نقيم الذل فينا )

دعوا التسويف فالتسويف داء  ***  يميت عواطف المتكاتفينا

ولاتلووا الرقاب الى كبير  ***  يحاول متعة المتحكمينا

وصونوا المجد والتاريخ حفظا  ***  بأرواح الثقات المخلصينا

فقد (انذرتكم نارا تلظى)  ***  وقد اسمعتكم لو تسمعونا 

ويلجأ الصقال الى اسلوب السخرية، احيانا ليستفز الهمم ويستنهض الشباب. وهو مدرك بأن التغيير الذي ينشد لايتم الا عن طريق الشباب. فهم عماد الوطن وجيله الصاعد كما في قصيدة (ومن يكسل يلذ له القعود)(10) المنشورة في جريدة البلاغ العدد 126 في 17/12/1931 حيث يقول الصقال.

نشيد ك لو اهاب بها النشيد  ***  وشعرك لو يحركها القصيد

ولكن امة قعدت هوانا  ***  ومن يكسل يلذ له القعود

ومن يأمن على غرر المعالي  ***  غرابيب السياسة لايسود

محا الله السياسة حيث حلت  ***  فما لنخيلها طلع نضيد

عقيم لم تلد الا خيالا  ***  وان ولدت فوعد او وعيد

دخلناها شعوبا عامرات  ***  باسباب النهوض لما نريد

فعدنا بعد ما خاضت غمارا  ***  بنا تلك المواعد والعهود

كمن ضحوا مفاخرهم ليحظى  ***  بما يهوى عدوهم اللدود

بني اوطاننا انتبهوا كراما  ***  فقد ظنت سواعدنا القيود

وانتم عاكفون على الملاهي  ***  كما عكفت على العجل اليهود

تسوس حلومكم منكم طباع  ***  تآلفت النفاق فلا تحيد

ومن رام الحياة ولم يراع قوانين الحياة فلا يفيد

ويلمس القاريء تأثر الصقال بالشعر السياسي الساخر لمعروف الرصافي واستخدامه التراث الديني في شعره مثل (عجل اليهود) فالسياسة والدين عنده متعاشقان دائماً في شعره كله.

وحين نشطت الحركة المسرحية في الموصل وعدت جزءاً من النضال القومي ضد التدخل البريطاني في شؤون العراق الداخلية قدمت الجمعيات والاندية مسرحيات مستمدة من التاريخ العربي الاسلامي لتأجيج الحماس ضد الانكليز فقدمت جمعية البر الاسلامية مسرحية (ابي عبدالله الصغير) آخر ملوك الطوائف في الاندلس. القى بشير الصقال في الحفل قصيدته الملتهبة (يأس وثمن)(11) المنشورة في جريدة (فتى العراق، العدد الثاني، 1930) اخذتها عن كتاب (ابراهيم النعمة م. ن ص17-18) وهي من اجود شعر الصقال الحماسي، جاء فيها:

متى تصحو مشارقنا الى  ما  ***  وحتى ما نقول اذا علاما

هي الذكرى تؤرقني فتأبى  ***  عليّ جوانحي في ان تناما

تذكرني طليلة وملكا  ***  على اكتاف قرطبة تسامى

وتونس وهي خضراء المعالي  ***  وبغداد المعارف والشآما

ربوع قد خلوت بها بروحي  ***  فكانت حسرتي الكبرى دواما

وتسرف بالملامة وهي تدري  ***  بان جوارحي نوت المقاما

اقلي من شكاتك واعذريني  ***  وكفي ذا التعّتب والملاما

وسيري غير راشدة بشعب  ***  ابت اخلاقه الا انقساما

تضاع به الارامل حاسرات  ***  كما ضاعت بساحته اليتامى

ويهيب بالشعب الى التآلف وعدم التناحر والتمسك بالاخلاق القويمة فيقول:

ونتخذ التفرق وهو خزي  ***  شعاراً لا التكاتف والوئاما

وشدنا للنفاق وللدنايا  ***  صروحا لن تزول ولن تراما

فياليت العراق له شعور  ***  يحس وليته بلغ المراما

وليت بنيه تعضده بحزم  ***  فتبعثه الى الدنيا اماما

وحينما قدمت جمعية البر الاسلامية مسرحية (عنترة) في شهر شعبان عام 1349 هـ، القى الصقال قصيدة في الافتتاح بعنوان (وكيف نرجّي ان نكون أعزّه)(12) (عن ابراهيم النعمة، م.ن، ص19 ورد فيها:

اتطلب شأنا بالتمائم والرقى وغيرك أسرى بالفتون وحلقا؟

وفيها دعوة الى الاتحاد والتكاتف لمواجهة الغرب واستغلالهم خيرات البلاد حيث يقول :

فجّد حثيثاً للتكاتف واعتضد  ***  وخلّ خليلا طالما قد تملقا

تحرك فينا ساكناً وتميته  ***  رضيعاً الى حرية الفكر شيقاً

وتملأ جوّ المخلصين غمائما  ***  لتخلق من تلك الغمائم مزلقا

ونحن كما بالامس اسعدنا الذي  ***  تغنى بحمد الناكثين وصفقا

ويظهر حبه للمسلمين والعرب في كل شعره وهو احرص مايكون على تقدم العراق وتطوره وتخلصه من ايادي الاستعمار الخفية التي تتلاعب بمقدراته، وهو يحب مدينته حبا لامثيل له ويكثر تريدها في شعره، وقد ينحو الى لومها احياناً حينما يجدها لاتبالي بما يحبط بها من خطوب، وخير مثال على اتجاهه هذا: قصيدته القوية الجزلة (بلوى الاختلاط في هذا العصر) وقد نظمت في 24/ذي الحجة سنة 1347(13) (ابراهيم النعمة، م.ن ص24 ) حيث يقول الصقال :         

وقال ايضاً :

احبك ياحدباء والله شاهد  ***  محبة جسم روحه ساعة العسر

احبك حبا خالصاً من شوائب  ***  واهفوا الى ذكراك كالطائر القمري

ومهما يكن يادجلة من تهكم  ***  فأن اعتصامي لايهدد بالكسر

ترفّع في علياك كل مذمم  ***  ونالت بمسعاك العلا نُذُل العصر

واقصيت ياحدباء من كان همه  ***  خلاصك من ناب الطواغيت والشر

بكيت فاجريت العقيق مدامعاً  ***  كما بكت الخنساء حزناً على صخر

بكيت وماابكي على ضائع الثرى  ***  من المال، بل أبكي على ضائع العمر

وياسوء حظ الرافدين اذا خلا  ***  وصارت دعاة الجهل قائدة الفكر

وقد نظم الصقال في اغراض الشعر المختلفة، نظم في الحماسة والفخر والرثاء والوصف والحكم وشكوى الزمان والمديح والشعر الاسلامي، وهو شاعر متميز بقوة الديباجة واشراقة العبارة، وتأجج العاطفة والحماس، وجدير بهذا الشعر ان يجمع ويدرس لما يمتلك صاحبهُ من قوة شعرية وقدرة موسيقية عالية فضلاً عن تملكه لناحية الشعر فهو لاينحت في حجر وانما يترقرق شعره ترقرق جدول في حديقة جميلة. وقد علمنا ان تلميذه ابراهيم النعمة جاد في جمع شعره بعد ان ضاع اكثره، فنعم جهود طالب العلم والادب الذي ادرك مالأستاذه من قيمة شعرية عالية فضلاً عن جهوده الطيبة في التدريس والشريعة والفقه والخطابة والاحسان.

 

الصقال خطيباً

يعد بشير الصقال واحداً من ابرز خطباء الموصل لما يمتلكه من قدرة فائقة في التأثير على مسامعيه لا من حيث ادائه الصوتي فحسب وانما لأتساع افقه وتفتحه على الحياة من حيث جوانبها المختلفة وثقافته الدينية العالية وتمكنه في الشريعة والفقه والادب. ولا اضيف جديداً فيما اقول وانما اخترت نموذجين له من نثره المتميز اولاهما خطبته (الى العمل)(14) وقد نشرتها جريدة (فتى العراق في عددها2357 بتاريخ 19 / 9/ 1960 م اقتطع منها مقدمتها فحسب : لاتجد دينا في الاديان ولاشريعة في الشرائع، ولا نهضة قائمة على اسس ومباديء قومية حشدت حشودها، وعبأت جماهيرها لاكتساب قصب السبق وتحقيق الاماني في ميادين الاعمال والمعاملات قديماً وحديثاً كالشريعة الاسلامية التي جاءت لهداية البشر الى النور وسعادتهم في الحياة واستكثار المنافع لهم وتجنبهم المضار والتجافي عن مواطن العجز والكسل حتى لايمسهم السوء والضيق والعسر، ولاتعصرهم الفاقة ولاتعضهم المذلة ولاتعصف بهم عواصف الفقر والجهل والامراض والآلام ذلك لانه مهما كان انتصار الامة في الحرب مؤزراً. وفي السياسة محكماً ومن الاعداء منتصفاً فليس لذلك اثر يستحق الحمد ويجتلب الثناء ويضمن لها البقاء الا اذا قام على اسس قوية من الاعمال المتقنة والمعاملات الراضية والاستقامة في السلوك) فما اولانا بسماع مثل هذا الكلام الان والتعمق في معانيه وقد بلغت السوق السوداء اوجها واكل الانسان لحم اخيه الانسان من اجل مال لايعرف مايصنع به ولايحسب جامعه حساباً الا انه سيكون جحيمه في الآخرة ان شاء الله.

وسأقطع من محاضرة للصقال جزءها الاخير فقط لأهميته المعاصرة وكانت المحاضرة بعنوان (اليقظة الاسلامية في العصر الحاضر) القاها في الثانوية المركزية بتاريخ 21 / 10 / 1934.

للمقارنة بين خطبه ومحاضراته، واوائل نثره واواخره وقد اوردها ابراهيم النعمة في كتابه آنف الذكر(ص159-183) واطلق اسم الكتاب لمجموع نثر الصقال بأسمها لأهميتها. يقول الصقال في ختام محاضرته آنفة الذكر: ان المسلمين قد شبوا عن طرق تلك الغفوة وذلك التضعضع الذي يكاد يأتي على مجموعاتهم من القواعد، وماعليهم بعد هذا الا ان يجودوا  كراماً ببعض اوقات الفراغ فيصرفونها في سبيل تماسكهم وتساندهم وتغذية مؤسساتهم الاسلامية الاجتماعية منها والخيرية وان يشعر كل فرد منا بأنه هو المطالب بكل نقص ان يكمله وبكل ضعف ان يقويه كل بقدر مايستطيعه. وان نعمل بكل قوانا ونزيح سجف اليأس من الاصلاح عن قلوبنا (انه لاييأس من روح الله الا القوم الكافرون) الآية، وقال تعالى: (ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون) وان نخلع هذا الكفن الذي قمطنا به وزاده بلاء تيقظ اعداء الاسلام ونشاطهم لان اليأس معناه عدم الوثوق بما وعد الله، واليأس لايتطرق الى روح عالية وانما يلازم النفوس الضعيفة ويعشش فيها، فالحر لايرضى بالانحطاط، فاذا لم يدفعه الايمان الى الرفعة فلتدفعه غيرته وشهامته لان الموت لابد منه. وان حياة قصيرة مصيرها الى الانتهاء العاجل لايرضاها عاقل من الذلة والصغار.

ومن يرد الاطلاع على خطب بشير الصقال في امكانه العودة الى كتاب ابراهيم النعمة (اليقظة الاسلامية) يجد فيه بغيته.

وفي الختام كان بشير الصقال فضلاً عن دوره النضالي والاجتماعي شاعراً متميزاً في القريض بقوة الديباجة وحسن السبك فضلاً عن مكانته الكبيرة في خطب الجمعة وادائه المتميز فيها مما كان له وقع كبير في نفوس سامعيه.

 

الخاتمة

يعد الشيخ بشير احمد بن عز الدين الصقال المولود في مدينة الموصل عام 1906 في بيت علم ودين، واحداً من اهم الشعراء في الموصل ولاسيما في شعره الديني. دخل الكتاب ثم المدرسة العثمانية الاميرية وواصل دراسته فيها حتى الصف السادس الابتدائي، ثم درس على يد شيوخ الموصل فدرس على احمد حميد المسدي (الحمداني) وعلى الشيخ صالح الجهادي الشهير بالبربر وعلى السيد داؤد الوضحة واتصل بعد ذلك بالشيخ العلامة محمد الرضواني ولازم حلقة الشيخ عبد الله النعمة وقرأ عليه العلوم النقلية والعقلية. واللغة العربية واخذ عنه الإجازة العالمية سنة 1349 هـ. مارس الشيخ بشير الصقال التدريس في المدرسة الاحمدية الدينية عام 1352 هـ. يبدأ التدريس مع صلاة الفجر وينتهي منه قبيل صلاة الظهر. ودرس في جامع الباشا وفي جامع النبي يونس و أسندت اليه خطبة الجمعة في جامع الاغوات وجامع الباشا. وكان رحمه الله يمتلك صوتاً جهورياً رخيماً وقدرة خطابية فذة تؤثر في سامعيه. وهو احد العاملين على فتح جمعية الشبان المسلمين في الموصل. وعرف بحسه الوطني الى جانب حسه الديني وقاوم الاحتلال البريطاني للعراق وأيد حركة رشيد عالي الكيلاني عام 1941. وحكمت عليه السلطات بالإقامة الجبرية في داره بعد فشل الحركة. واعتقل ثلاث سنوات عام 1942 واعتقل ثلاثة اشهر 1948 على اثر وقوفه ضد معاهدة (بورتسموث) بين انكلترا والعراق ممثلاً برئيس وزرائه صالح جبر.

   وتوزع شعر الصقال بين الشعر الديني وشعر المناسبات والمحافل. ولا ينفصل الشعور الديني عنده عن الشعور الوطني فهما يتواشجان معاً الاسلام والوطن ولا يمكن في نظره فصل الدين عن الدنيا، لان كل منهما يكمل الاخر الا ان الغلبة عنده للشعر الديني لانه يرتبط بصلب عمله فهو خطيب بارز من خطباء الجمعة يحتشدون في الجامع قبل صلاة الجمعة لسماعه فلا عجب ان يمنح الجانب الديني جلّ شعره. وهو يمتاز بالجزالة والقوة. وقد جمع الشيخ ابراهيم النعمة جانباً من شعره وخطبه في كتاب أسماه (اليقظة الاسلامية) عام 1988 ومازال الكثير من شعره مبعثراً في بطون الدوريات او مخطوطاً يحتاج الى جمع وتحقيق وطبع ونشر.

الهوامش

(1 2 3)اليقظة الاسلامية، ابراهيم النعمة، م. الزهراء الحديثة، الموصل، 1988 ص13. 14، 16)

(4)الامداد شرح منظومة الاسناد، اكرم عبد الوهاب م. الجامعة، الموصل1986 ص62-63

(5)صدى الجمهور في 4/8/1931

(6)المعارف في 24/7/1932

(7)فتى العراق في 24/6/1930

(8)البلاغ / الملحق في 24/5/1933

(9)فتى العراق في 11/6/1930

(10)البلاغ في 17/12/1931

(11)فتى العراق العدد الثامن / 1930

(12) اليقظة الاسلامية ص19-20

(13)م.ن ص124

(14) فتى العراق، ع 2357 في 19/9/1960

(15) اليقظة الاسلامية ص158-183

 

مركز دراسات الموصل